درويش الخطيب
ولد الأستاذ درويش الخطيب في الطيرة عام 1921, وتعلم في مدرستها الابتدائية (حتى الصف الرابع), وأكمل تعليمه الثانوي في مدرسة قلقيلية ثم في الكلية العربية في القدس. عن هذه المرحلة حدثنا الأستاذ درويش الخطيب (أبو المأمون), قال:
"كانت المدارس نوعين; نوع للمدن (ابتدائية كاملة حتى الصف السابع) ونوع للقرى (ابتدائية غير كاملة). وكانت مدارس المدن تدرس اللغة الإنكليزية ابتداء من الصف الرابع. بينما لم تكن اللغة الإنكليزية تُّدرس في مدارس القرى, مثل مدرسة الطيرة. لذلك اضطررتُ إلى إعادة الصف الرابع في مدرسة قلقيلية, لدراسة اللغة الإنكليزية. في عام 1935 انهيت التعليم في الصف السابع والأخير في المدرسة. وكنت متفوقاً في الصف. وكانت "الكلية العربية" في القدس هي المدرسة الثانوية العربية الحكومية الوحيدة في فلسطين. وكانت لا تقبل سوى الأوائل فقط. وفي نهاية السنة زار مدرستنا مدير "الكلية العربية", أحمد سامح ألخالدي, وتفقد طلاب صفنا. فسمعت مدير المدرسة, الأستاذ سلامة خليل, يهمس في أذنه ويشير نحوي. وهكذا قُبلت لمواصلة الدراسة في الكلية العربية في القدس, كطالب داخلي. وفي عام 1939 حصلت على شهادة "المتركوليشن". وكان في الكلية صف خامس للتربية (صف معلمين). لكن غالبية الطلاب كانوا يخرجون إلى المدارس للعمل في التعليم قيل إتمام هذا الصف. وكنت واحداً ممن خرجوا لحاجتي للوظيفة".
عُين الأستاذ درويش الخطيب, بعد تخرجه من الكلية العربية, معلماً في مدرسة الطيرة, ثم نقل إلى مدرسة الطيبة, ثم إلى مدرسة شويكة. وفي العهد الإسرائيلي عُين في مدرسة الطيرة (1948\1949).
حدثنا الأستاذ درويش الخطيب عن عمله في العهد الإسرائيلي, قال: "قي البداية كان يتم اختيار المعلم بدون انتقاء. ولكن سرعان ما اخذ ممثلو السلطات الحكومية ينتقون المعلمين الذين يعتقدون بأنهم سيكونون عجينة طيعة في أيديهم. "في السنة الأولى فتحت إدارة المعارف صفاً ثامناً في المدرسة. وكان علينا إيجاد حل للطلاب المتخرجين من هذا الصف. وقد عملت بالتعاون مع الأستاذ ذياب حمدان والأستاذ محمد سمارة (البوليس) ومدير المدرسة الأستاذ رفيق الصالح, على إنشاء صف تاسع (عام 1951), فكان أول صف ثانوي. بعدها انتقلتُ إلى الطيبة لفترة قصيرة ثم عدتُ لأدرس اللغة العربية في مدرسة الطيرة الثانوية التي انفصلت عن الابتدائية عام 1954. لكن بسبب عدم مهنية المعلمين أخذت المدرسة تتراجع نحو الحضيض.
ومضى الأستاذ درويش الخطيب قائلاً: "كان منهاج التعليم محدوداً, يتجنب التطرق للعصر الحديث. ففي موضوع التاريخ العام كان المنهاج يقتصر على تدريس التاريخ القديم, مثل تاريخ الرومان واليونان وتاريخ العرب القديم. بينما لم تُدرَس مواضيع التاريخ الحديث, مثل الثورات في البلدان العربية ضد الاستعمار الإنكليزي والفرنسي, كثورتي "عرابي" و"الضباط الأحرار" في مصر. أما موضوع الأدب العربي فيبدأ بشعراء الجاهلية, فالعصر الأموي, ثم العباسي, وينتهي عند المنفلوطي والرافعي ومي زيادة وجبران خليل جبران وإيليا أبو ماضي, وعند الشعراء احمد شوقي وحافظ إبراهيم وخليل مطران. أما التعليم نفسه فكان تلقينياً يفتقر للحوار.
"في عام 1964 قرر المجلس المحلي في الطيرة, برئاسة إبراهيم خليل قاسم, فصل جميع المعلمين وتعييني مديراً للمدرسة. وأخذت اعمل مع زملائي المعلمين, الذين شاركت في اختيارهم, على النهوض بالمدرسة فأدخلنا ثلاثة مواضيع علمية لبرنامج المدرسة, وهي البيولوجيا والفيزياء والكيمياء. وأقمنا مختبراً متطوراً في المدرسة (عام 1968). وصارت المدرسة تسجل النجاح تلو النجاح. وحصلت على العلامة الواقية في العام الدراسي 73\1972. وذاع صيت المدرسة في البلاد. وصار يؤمها طلاب من 14 قرية, من المثلث إلى النقب. فأخذ عدد الطلاب يتزايد بوتائر سريعة, حتى تجاوز ال- 700 طالب وطالبة. كما ازداد عدد المعلمين من 8 إلى 30 معلماً ومعلمة. وأصبحت مدرسة الطيرة الثانوية في طليعة المدارس الثانوية العربية في البلاد. وقد تخرج منها العديد من أصحاب الأسماء والألقاب, مثل عضو الكنيست أحمد الطيبي. وانتشر خريجو المدرسة في جامعات البلاد وفي الخارج. في عام 1981 خرجتُ للتقاعد المبكر بعد أن قضيت 41 سنة في مهنة التدريس".
عن كتاب: التعليم العربي ومدارس الطيرة تأليف وإعداد نسيم أبو خيط - عام 2000
ألطيرة تشيّع جثمان مربي الأجيال درويش الخطيب
الجمعة 11/11/2005
المرحوم كان أول مدير طيراوي لمدرسة الطيرة الثانوية، على مدار 15 عاما
شيعت جماهير غفيرة من الطيرة وخارجها، صباح الخميس 10.11.2005 جثمان المربي درويش الخطيب (أبو المأمون)، المدير الأسبق لمدرسة الطيرة الثانوية. ووافت المنية المربي خطيب عن عمر ناهز الرابعة والثمانين عاما، قضى جلها في حقل التربية والتعليم. وقد ولج هذا العالم منذ العام 1939، حيث تخرج من الكلية العربية في القدس حاملا شهادة "اجتياز التعليم العالي الفلسطيني" وعين معلما للغة الإنجليزية في الطيرة ثم انتقل إلى قرية الطيبة المجاورة ومنها إلى قلقيلية حتى انتهى به المطاف في العام 1948 في مدارس الطيرة، وقد تولى منذ العام 1965 وعلى مدار 15 عاما متواصلا إدارة مدرسة الطيرة الثانوية التي شهدت في تلك الآونة ذروة تطورها وأضحت منارة لطلاب العلم من كافة قرى ومدن المثلث. هذا وعرفت عن المربي خطيب، كأول مدير لمدرسة الطيرة الثانوية من أبناء القرية ومن طلائعي المربين في المنطقة، عرفت عنه قدراته الإدارية والتربوية الفذة، وكذا توجهاته الوطنية الصادقة.
عقد يوم السبت (10.12.2005) حفل تأبين كبير لطيب الذكر المربي المرحوم درويش الخطيب في اشكول بايس الطيرة تحت رعاية بلدية الطيرة ولجنة إحياء الذكرى وأهل الفقيد.
يذكر ان الأستاذ درويش الخطيب شغل منذ سنة 1964 مديراً للمدرسة الثانوية في الطيرة وعمل على النهوض بالمدرسة فادخل المواضيع العلمية والمختبر كما وحصلت المدرسة في عهده على العلامة الواقية, حيث ذاع صيت المدرسة في البلاد, وصار يؤمها طلاب من كل قرى المثلث, ومن مضارب البدو في النقب ومن اللد والرملة وأبو غوش وجسر الزرقاء حتى أصبحت مدرسة الطيرة الثانوية طليعة المدارس الثانوية العربية في البلاد. وقد تخرج منها العديد ممن شغلوا مناصب قيادية في البلاد وانتشر تلامذة الأستاذ درويش الخطيب في البلاد والخارج.
في عام 1981 خرج الأستاذ درويش الخطيب للتقاعد المبكر بعد أن قض 41 سنة في مهنة التدريس.
وانتقل إلى جوار ربه في العاشر من نوفمبر 2005 مخلفاً أربعة أبناء وبنتاً واحدة يمثلون وبحق امتداداً لسيرة المرحوم الحميدة. وبدأ الحفل بتلاوة ايات من الذكر الحكيم تلاها ابن الطيرة الشيخ احمد شوقي مصاروة.
وفي حفل التأبين رثاه رجالات مجتمع وشخصيات قيادية من المنطقة حيث تحدث كل من رئيس بلدية الطيرة خليل قاسم الذي روى تجربته مع مديره ومعلمه وتحدث عن صداقة المرحوم المربي درويش الخطيب مع والده إبراهيم قاسم الرئيس السابق لمجلس محلي الطيرة.
كما وتحدث زملاء المرحوم منهم الأستاذ سيف عراقي الذي تحدث عن تجربة حياة من طالب إلى زميل وحتى أصبح نائبً للمدير حيث استذكر ذكرياته مع مربياً وصانعاً للأجيال أما المربية فاطمة شبيطة استذكرت روح الأبوة والعطاء التي كان يتحلى بها الأستاذ والمربي درويش الخطيب, كما وتحدث الأستاذ شعيب خطيب عن صفاته الحسنة والخلق الذي كان يتحلى به المرحوم. والقى الأستاذ الشاعر والأديب عبد الرحيم الشيخ يوسف من الطيبة قصيدة شعر خاصة كتبها لذكرى المرحوم درويش الخطيب. أما الدكتور النائب احمد الطيبي الذي حضر حفل التأبين كقريب عائلة وتلميذ للمربي درويش عدد مناقب الفقيد فقال: هناك المدرس وهناك المعلم وهناك المربي وهناك القائد والأستاذ درويش كان كل هذه معاً فقد رسخ الطيرة وثانويتها كمنار للعلم يأمه الطلاب من المثلث والنقب والمدن المختلطة. وأصبح كل خريجيها وأنا واحد منهم يقولون بفخر شكراً للطيرة وشكراً للمربي درويش الخطيب.
كما استذكرت حفيدة المرحوم ديما مروان خطيب من لحظاتها الممتعة التي قضتها مع جدها الغالي الذي ترك فراغاً كبيراً وكان يساعدها في تعليم اللغة العربية حيث تأثر الحضور بكلمة الحفيدة كثيراً.
نص كلمة الاستاذ مفيد صيداوي درويش الخطيب.. مدير فيه من الحكمة والرويّة
يذكر أن عرافة الحفل كانت للأستاذ تميم منصور.
مقاطع فيديو من حفل التأبين :
كلمة الشاعر عبد الرحيم الشيخ يوسف
كلمة عضو الكنيست د. أحمد الطيبي
كلمة حفيدة المرحوم - ديمة مروان الخطيب
كتاب التعليم العربي ومدارس الطيرة تأليف وإعداد نسيم أبو خيط - عام 2000